قضايا معاصرة

لقد تطرق الكتاب المقدس لكافة الجوانب المتعلقة بحياتنا الروحية وعلاقتنا بالله، ولكنه لم يغفل أيضاً عن التطرق للقضايا الصعبة التي تواجهنا في حياتنا المعاصرة فهو كتاب لكل زمان لذلك فكلما ظهرت قضية على السطح نجد فكر الكتاب واضح فيها وعلى هذا الأساس تتناول سلسلة كتب قضايا معاصرة قضايا كالطلاق والإجهاض والموت والإدمان....على أساس كتابي.

انت هنا / قضايا معاصرة / التبني في المسيحية والإتفاقيات الدولية

التبني في المسيحية والإتفاقيات الدولية

الكاتب: الأستاذ/ عماد فيلكس
الناشر: مطبوعات نظرة للمستقبل

لاشك أن التطور الذي يشهده المجتمع الإنساني منذ القديم، وحتى اليوم، قد أثر تأثيراً مباشراً على البنية الإجتماعية، وبالتحديد على الأسرة. ففي الحقبة الأولى من الزمن كان السائد هو قانون القوة، وبسبب ذلك كانت وضعية الطفل غير مستقرة داخل تلك الأسر، لأن زعماء القبائل كانوا يقومون بإختيار الطفل الذي يعجبهم ويتولون رعايته، ويمنحونه عدة إمتيازات كالاسم والإرث. لكن التطور الحاصل في المجتمع الحديث آتخذ منحى آخر لأجل صون وحماية ورعاية المصلحة الفضلى للطفل. إذ أبرمت الإتفاقيات الدولية الراعية لحقوق الطفل في إطار حقوق الإنسان والتي أكدت وأجبرت أشخاص المجتمع الدولي على إيجاد مؤسسات وأنظمة قانونية ترعى شؤون الطفل.


وقد عُرف التبني كنظام لدى الشعوب الغابرة منذ القدم، وتبنته العديد من الدول المعاصرة ووضعت له آليات تنظمه. في حين نجد بعض الدول حرمته ومنعته وأكدت على عدم قانونيته واستعانت بالوسائل القانونية التي تمكنها من إبطاله والإستعاضة عنه بنظام الكفالة.


وفي كتاب "التبني في المسيحية والاتفاقيات الدولية" والذي يقع في 230 صفحة تقريباً من القطع المتوسط وهو الكتاب الحادي عشر من سلسلة كتب قضايا معاصرة الصادرة عن مطبوعات نظرة للمستقبل يقدم الكاتب الأستاذ/ عماد فيلكس المحامي بالنقض دراسة وافية حول قضية التبني آخذاً في الإعتبار الخلفية المسيحية الكتابية للقضية، كذلك قدم دراسة تفصيلية وافية في الجانب القانوني والإتفاقيات الدولية والمُعاهدات التي أهتمت بحقوق الطفل، وسرد جميع الدراسات الدولية ونماذج في دول كثيرة طبقت ومارست قانون التبني.


وخلال هذه الدراسة يتطرق الكاتب لعدة جوانب من أهمها تعريف التبني، والتبني في بعض القوانيين والتي من أهمها: نظام التبني في ظل القانون الفرنسي، نظام التبني في القانون التونسي... .


ومن أهم المبادئ المتعلقة بحقوق الطفل في الإتفاقيات الدولية:
∗الإلتزام بالمساواة بين كل الأطفال دون أي شكل من أشكال التمييز.
∗يولى الإعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع ما يُتخذ من سياسات وتدابير وإجراءات تتعلق بالطفل.
∗العمل على بقاء الطفل وتنميته.
∗مراعاة حق الطفل في ممارسة حقوقه والمشاركة في جميع الأمور التي تتعلق به.
∗التوازن بين مسئولية الوالدين عن تربية الطفل، ومسئولية الدولة عن تقديم الدعم، والمساعدة للوالدين للإضطلاع بمسئوليتهما.


ثم يتطرق الكاتب لتناول جانب هام جداً في قضيتنا والتي تتمثل في البروتوكول الإختياري لإتفاقية حقوق الطفل عن إشتراك الأطفال في الصراعات المسلحة، وحقوق الطفل المتعلقة ببيع الأطفال وبغاء الأطفال وإستغلال الأطفال في المواد الإباحية.


وعن التبني في المسيحية: نقرأ عن ثلاث حالات من التبني، في العهد القديم، وهي:
ــــــ "موسى" (خر10:2)، وقد تبنته إبنة فرعون.
ـــــ "جنوبث" (1مل20:11)، وقد تبنته خالته"تحفنيس" زوجة "فرعون مصر".
ــــــ أستير (أس2: 15،7)، وقد تبناها "مردخاي".


وعن التبني في رسائل بولس: في الرسالة إلى غلاطية يركز الرسول على الحرية التي يتمتع بها الذين يحيون بالإيمان، في مقابل العبودية التي يرزح تحتها الذين يخضعون للطقوس والفرائض الناموسية، وهو ما كان يتعرض له المسيحيون (غل1:5). فهو يوضح أولاً الفرق بين الناموس والنعمة ـــــ من الناحية التاريخيةـــــ على أنه الفرق بين التدبير المسيحي والتدبير السابق له (غل3: 24،23)، وإن كان في موضع آخر، يرجع بفكرة التبني إلى علاقة العهد بين الله وإسرائيل.
في رسالة رومية التبني يعني الخلاص من الدين ففي(رو8: 12ـــــ17)، نجد فكرة الإلتزام أو المديونية مرتبطة بفكرة الحرية.


التبني في الإختبار المسيحي: التبني هو إدراك المؤمن وتثبته من بنويته لله، وهو ما يحدث نتيجة الإيمان بالمسيح، الذي به يُصبح المؤمن متحداً بالمسيح، فيحل فيه روح البنوة ويسيطر على كل كيانه، حتى إنه يعرف الله ويخاطبه كالمسيح تماماً، قائلاً:"يا أبا الآب" مرقس36:14.


التبني وعلاقته بالتبرير: إن التبني هو نفس الإختبار المسيحي الذي يصفه الرسول بولس تحت صورة قانونية مجازية أخرى، هو "التبرير بالإيمان" ففي التبرير، يعلن الله أن الخاطئ قد صار مبرراً، ويعامله على هذا الأساس، ويمنحه الصفح والمصالحة والسلام (رو1:5) وفي هذه جميعها نجد بلاريب علاقة الأب بالابن ولكن في التبني تتأكد هذه العلاقة بوضوح وجلاء.


التبني والتقديس: التبرير هو بداية عملية تستمر حتى تبلغ إلى الكمال، أي النمو المستمر في حياة التقديس بمعونة الروح القدس أما التبني فيسير جنباً إلى جنب مع التقديس فأبناء الله"هم الذين ينقادون بروح الله" رو14:8 وروح الله نفسه هو الذي يمنح إختبار البنوية "التقديس" هو عملية تطهير ونمو شاملة من الناحية النظرية أما التبني فيتضمن التقديس بإعتباره علاقة وثيقة بالله هي علاقة ولاء وطاعة وشركة مع الآب المحب على الدوام.


التبني والتجديد: يرى البعض أن التبني هو التجديد ولذلك جمع الكثيرون من الآباء وعلماء الكنيسة الكاثوليكية بينه وبين التجديد بالمعمودية. إن الميلاد الجديد والتبني هما بكل تأكيد وجهان للإختبار الواحد.


التبني عمل الله: إن التبني كعمل إلهي، هو عملية أزلية من أعمال نعمته ومحبته، لأنه"سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته" (أف5:1).


ويختتم الكاتب حديثه بالقول: إذا كان موضوع الطفل قد حظى بعناية قانونية وإنسانية فائقة من قبل المجتمع الدولي المتجسد أساساً في التشريعات الحديثة، المواكبة لتحولات وتطلعات المجتمعات، وكذا المعاهدات والمواثيق الدولية المتجددة، فإن مصر بذلت جهوداً كبيرة في هذا الباب بدءاً من توقيعها وتصديقها على الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل، مع العمل على تكريس حقوقها من خلال ملاءمة التشريعات الوطنية مع توصياتها وإنشاء مؤسسات خاصة بهؤلاء الأطفال مثل: المجلس القومي للأمومة والطفولة. ولذلك أعتبرت مصر من الدول العربية والإفريقية القليلة التي تعاملت مع مختلف إشكالات الطفولة بنوع من الوضوح والايجابية، من أجل المساهمة في محاربة ظاهرة جنوح الأحداث، وذلك عبر الإنخراط في المجهود الدولي للقضاء على مختلف أنواع الإستغلال التي يتعرض لها الطفل من جهة، ومختلف العوامل المتسببة في إنحراف وإجرام الأحداث، وكل هذا يُعالج بواسطة البرامج الخاصة أي ذات الصلة بالطفولة ووضعية الجانحين والمشاريع التي تنجز بشراكة فعالة مع جمعيات وطنية ودولية ورغم كل ذلك إلا أنها تحتاج إلى مزيد من الجهد لمعالجة ظاهرة أطفال الشوارع التي تقتضي تضافر كل الجهود لعلاجها، وأفضل الوسائل للوصول إلى نتائج مرضية هي: إقرار نظام التبني طبقاً لما جاء بالإتفاقيات الدولية.

التبني في المسيحية والإتفاقيات الدولية
حقوق النشر © 2022 نظرة للمستقبل . جميع الحقوق محفوظة.