مفاهيم كتابية

لاشك أننا كثيراً ما نتخبط في حياتنا الروحية لمفاهيم خاطئة تكونت في أذهاننا ولذلك نسعى من خلال سلسلة مفاهيم كتابية طرح المفاهيم الروحية بصورة كتابية معاصرة عربية تتخذ من الحق الكتابي قاعدة لها.

انت هنا / مفاهيم كتابية / الموت في المفهوم المسيحي

الموت في المفهوم المسيحي

الكاتب: القس نصر الله زكريا - زكي جورج
الناشر: مطبوعات نظرة للمستقبل

في الواقع إن الموت يعتبر الحقيقة الوحيدة والأكيدة التي يتفق عليها جميع البشر على اختلاف ألوانهم وأعراقهم ومعتقداتهم وأجناسهم ودياناتهم ، وبرغم عدم اجتماعهم على حقيقة أو ظاهرة عملية أو اجتماعية أو حتى دينية ... ، إلا أنهم اجتمعوا على حقيقة وحتمية الموت لكل بشر ، بل لكل كائن حي ، لذا يبقى الموت هو الحقيقة التي لا جدال عليها ، والحقيقة المؤكدة أنه لا يوجد حدث عالمي تُجمع عليه البشرية نظير الموت . ويحمل الموت في طبيعته التناقض ، حيث يجمع بين "اليقين" و "عدم اليقين" ، فالإنسان يعرف أنه سيموت حتماً ، لكنه في ذات الوقت لا يعرف مطلقاً الوقت الذي يموت فيه.


والسؤال الذي يطرح نفسه هو "هل حتمية الموت تعني الفناء الشامل؟" ، وكإجابة على هذا التساؤل نجد الكاتبان يتطرقان إلى تناول ماهية وتعريف الموت من خلال تناولها لتعليم العهد القديم عن الموت وما بعده ؟

أما عن الموت في المفهوم المسيحي وهو ما يتطرق الكاتبان خلال الكتاب لتناول:
أولاً : الموت الطبيعي أو موت الخطية .
ثانياً : الموت الروحي .
ثالثاً : الموت الأبدي أو الموت الثاني .
رابعاً : الموت العقابي .
خامساً : موت المسيح .
سادساً : موت القديسين وموت الأشرار .


وخلال الجزء التالي يحاول الكاتبان الأجابة عن أشهر الأسئلة التي تدور في أذهان البشرية أجمع والتي تتمثل في :
ــــــــ ماذا يحدث للموتى في القبر؟

ــــــــ ماذا بعد الموت أو إطلالة على العالم الآخر؟


أما عن المرحلة قبل الأخيرة: القيامة والدينونة فالقيامة والبعث من الموت موضوع مشترك في غالبية الديانات والمعتقدات ، فنجد في إيمان البراهمانية والبوذية والهندوسية والكونفوشيوسية والبوذية باستمرار وجود الإنسان بعد الموت ، وبحياة ما بعد الموت ، أيضاً اشتركت الأديان الإبراهيمية في الإيمان بعقيدة قيامة الموتى ، والحياة بعد الموت ، والدينونة .


وخلال هذا الجزء يتناول الكاتبان التالي:
ـــــــ مفهوم القيامة في العهد القديم
ـــــــ مفهوم القيامة في العهد الجديد
ــــــ أنواع القيامة :( القيامة الأولى و القيامة العامة )
ـــــــ الدينونة : ( الديان و أنواع الدينونة )
ـــــــ الأسفار التي على أساسها سيُدان الأشرار: (سفر الكتاب المقدس والضمير والتوكيل والحياة)


وعن المرحلة الأخيرة والتي هي أما الشقاء أو السعادة الأبدية فبعد المحاكمة والدينونة ، يأتي المستقر الأخير لجميع البشر الأشرار منهم والأبرار ، وستكون هذه الحالة أبدية في مداها ، حيث يمضي الأشرار إلى عذاب أبدي ، والأبرار إلى حياة أبدية .


حيث يخبرنا الكتاب المقدس أن الأبرار سينعمون بالحياة الأبدية ، والحياة الأبدية التي سينعم بها الأبرار في حالتهم النهائية ، تبدأ منذ اختبار الإنسان للقيامة الروحية من موت الخطية ، أي الإيمان بشخص المسيح ابن الله المخلص


والحياة الأبدية هي بما لا يُقاس أكثر من مجرد وجود أبدي ، فهي تُشير إلى نوع وحالة الحياة التي سيحياها المؤمن أكثر مما تُشير إلى مداها وزمانها ، إنها حياة الله في نفس الإنسان ، إنها الحياة بكل ملئها ومجدها وقوتها ، حياة لا تحدها حدود الأرض ، إنها حياة الشركة مع الله ، فالحياة الأبدية في صورتها النهائية ، تعني أن الله سيسكن وسط شعبه في أرض جديدة وسماء جديدة غير التي نعرفها ، وعن هذا المكان الذي أعده الله للأبرار ، يقول الرسول بولس :"ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان : ما أعده الله للذين يحبونه " (1كورنثوس 2 : 9 ) .


في هذه الحالة والمكان الأبديين سيكون المؤمنون كالنجوم المتلألئة ، كل مُكلل بأكاليله ، ولسوف تكون هناك درجات في السماء ، وقد استخدم الرسول بولس تشبيهاً مجازياً لوصف هذا الأمر قائلاً أن :"نجماً يمتاز عن نجم في المجد" (1كورنثوس 15 : 41) . ، والملاحظ أنه شبه جميع الأبرار بالنجوم المتلألئة ، بمعنى أنه لا توجد تعاسة في السماء ، فالجميع سيباركون بأكثر مما نستطيع تخيله .


وإذا كانت الحياة الأبدية للأبرار حالة ومكاناً ، فهكذا الأمر بالنسبة للأشرار ، فالعذاب الأبدي هو حالة ومكان أيضاً ، فهو حالة من الحزن والشقاء والبؤس والعذاب ، ومع أنه يصعب على اللغة الإنسانية أن تصف الحالة التي يكون عليها الأشرار في عذابهم الأبدي ، حيث يمكنهم رؤية الأبرار وهم يتنعمون في ملكوت الله ، فقد قال المسيح عن هذه الحالة :"هناك يكون البكاء وصرير الأسنان متى رأيتم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله وأنتم مطروحون خارجاً" (لوقا 28:13) .


أما عن مكان العذاب الأبدي حيث يقضي الأشرار أبديتهم ، يقول المسيح ، أنها : "جهنم في النار التي لا تطفأ . حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ " (مرقس 9 : 45 ، 46 ) ، ومرة أخرى يصفها المسيح بأنها :"الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (متى30:25) ، إن مسكن الأشرار حيث العذاب الأبدي مكان حقيقي ، وهو ليس مكاناً للفناء والإبادة وعدم الوجود ، بل مكان للعذاب المستمر ؛ ومن الأمور المُعزية أن الله لم يُعد النار الأبدية للإنسان ، بل لإبليس وملائكته ، وأنه حفظهم فيها منذ سقوطهم وضلالهم .


ويُسجل الكتاب المقدس أن هناك دركات متفاوتة للعذاب يعانيه الأشرار ، كل بحسب إدراكه ومسؤوليته عن أخطائه التي اقترفها في حياته على الأرض ، يكتب الرسول بولس أن الله "سيجازي كل واحدٍ حسب أعماله" (روميه6:2) ، من هذا ندرك أن الأشرار في عذابهم سينال البعض منهم "دينونة أعظم" ، والبعض الآخر سيكون "عقابه أشد" ، والبعض الآخر ستكون حالتهم "أكثر احتمالاً" ، لكن ما يؤكد عليه الكتاب المقدس أنه مهما اختلف العذاب الذي سيتعرض له الأشرار ، إلا أنه بالنسبة للجميع عذاب أبدي ودائم ، وأقسى ما فيه هو الانفصال الدائم والأبدي عن الله .
ويختتم المؤلفان حديثهما عن الموت بالقول : أنه عند دراسة موضوع الموت وماذا يحدث للإنسان بعد دفنه في القبر مروراً بالحالة المتوسطة ، ووصولاً للحالة النهائية الأبدية ، فإن كثيراً من المصطلحات والأسئلة تطرح نفسها على موضوع الدراسة وتحتاج كل منها لدراسة خاصة ، وفي هذا الجزء نحاول التصدي لبعض هذه الأسئلة والمصطلحات في محاولة للإجابة أو التصحيح والتوضيح ، وقد يجانب هذه المحاولة الصواب إلا أنها تبقى محاولة للتفكير الجاد والبحث في مثل هذه الموضوعات ومن بين هذه التساؤلات نذكر:
1.هل خلق الله الموت؟
2ـ هل يوجد ما يُسمى ب: "ملاك الموت، عزرائيل"،ومن الذي يقبض أرواح البشر؟ .
3ـ هل هناك وجود لما يُسمى "المطهر" ؟
4 ــ ما هو الفرق بين كل من : الهاوية .. الجحيم .. الفردوس .. جهنم ؟
5 ــ ما هو موقف المسيحية من الموت انتحارا ً ... أو استشهادا ً؟
6ــ إلى أين سيذهب الأطفال بعد موتهم ؟
7ــ هل حدد الله عمرا ً للإنسان ؟ أم حدد يوما ً لموته ؟ هل عمر الإنسان محدد أم محدود ?


وماذا بعد أن عرفت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟


"جميع البشر موتى" ، هذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها ، ولا خلاف عليها ، وقد أثبت التاريخ أن جميع البشر لابد وأن يعبروا يوماً ما بوابة الموت إلى عالم الأبدية اللانهائي ، تلك الحياة الأبدية يمكن للإنسان أن يحدد نوعيتها وموقعه فيها بحياته التي يحياها على الأرض ، هذا بالرغم من قصر حياته الأرضية .


وبالرغم من أن الله جعل الإنسان يشعر باقتراب الأبدية ، وإن الحياة قصيرة بالنسبة لما يريد أن يحققه الإنسان أو ينجزه فيها ، فمن السهل وسط مشغوليات الحياة وعدم الاكتراث بالحياة الأبدية أن ينسى الإنسان مدى قصر حياته على الأرض ، وأن هذه الحياة على قصرها فهي مدخل الإنسان الذي يختار من خلاله نوعية الحياة الأبدية التي سيعيش فيها عمره الأبدي .. لذا ما أصدق تلك النصيحة التي نقرأها في كلمة الله ، ".. استعد للقاء إلهك .. " (عاموس 12:4) ، إن الإنسان لابد يوماً سيقف بين يدي الله الديان ، وفي هذه النصيحة دعوة لكل إنسان أن يستعد لتلك الساعة واليوم الذي يقف فيه وحيداً بين يدي الله العادل ، الذي سيدينه عن كل جرم وخطيئة وعمل وقول ، وما أرهب تلك اللحظات التي سيقول فيها هؤلاء :"للجبال والصخور :"اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الحمل ، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم . ومن يستطيع الوقوف؟" (رؤيا 6 : 17،16) .


لقد هزم المسيح الموت ، ودان الخطيئة ، ويؤكد الكتاب المقدس هذه الحقيقة فيقول : "لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان ضعيفاً بالجسد فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد" (رومية 3:8) ، ولقد أصبح الإنسان الذي قبِل المسيح وآمن بعمله الفدائي على الصليب وكفارته لأجله حراً من دين الخطية ، لا يخشى الموت إذ يعتبره بوابة المرور للأبدية السعيدة .


والرائع في الأمر ، أن رغبة وإرادة الله هي أن يتمتع الإنسان بالحياة في المسيح وبالخلاص الذي أعده الله لجميع البشر ، هذا الخلاص يشمل في طياته انتصار الإنسان على الخطيئة والموت ، وإرادة الله هذه يقدمها لجميع البشر من خلال الإيمان بالمسيح ، وبعمله الكفاري لأجلنا جميعاً ، يقول الكتاب :"وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يوحنا12:1) ، هذا الإيمان لا يتوقف على عملٍ يقوم به الإنسان ، ولا بقيمة مالية يدفعها لقاء خلاصه ، ولا بممارساتوشعائر دينية خاصة ، لكنها فقط قبول لنعمة الله ، يقول رسول المسيحية بولس :"بالنعمة أنتم مخلصون ، بالإيمان ، وذلك ليس منكم . هو عطية الله . ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد " (أفسس 2 : 9،8) .


هذه هي رغبة الله ، فهل تتلاقى رغبتك مع رغبة الله فتنعم بحياة أبدية سعيدة ؟ وهل تقبل في حياتك القصيرة نعمة الله هذه فتتمتع برفقته والقديسين وجميع المؤمنين عبر الأزمان وتسعد معه بالحياة في تلك السماء التي أعدها الله ليسكن فيها مع شعبه إلى الأبد ؟

للتحميل والقراءة   
 
الموت في المفهوم المسيحي
حقوق النشر © 2022 نظرة للمستقبل . جميع الحقوق محفوظة.